[right]
جماع الشر : الغفلة والشهوة ، فالغفلة عن الله والدار الآخرة تسد باب الخير ، الذي هو الذكر واليقظة .
والشهوة تفتح باب الشر والسهو والخوف ، فيبقى القلب مغمورا فيما يهواه ويخشاه ، غافلا عن الله ، رائدا غير الله ، ساهيا عن ذكره ، قد اشتغل بغير الله ، قد انفرط أمره ، قد ران حب الدنيا على قلبه ، كما روى في صحيح البخاري وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال [[ تعس عبد الدينار ، تعس عبد الدرهم ، تعس عبد القطيفة ، تعس عبد الخميصة ، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش ، إن أعطي رضي ، وإن منع سخط ]] .
جعله عبد ما يرضيه وجوده ويسخطه فقده ، حتى يكون عبد الدرهم وعبد ما وصف في هذا الحديث ، والقطيفة : هي التي يجلس عليها فهو خادمها ، كما قال بعض السلف : البس من الثياب ما يخدمك ، ولا تلبس منها ما تكن أنت تخدمه ، وهي كالبساط الذي تجلس عليه ، والخميصة : هي التي يرتدي بها ، وهذا من أقل المال ، وإنما نبه به صلى الله عليه وسلم على ما هو أعلى منه ، فهو عبد لذلك ، فيه أرباب متفرقون ، وشركاء متشاكسون .
ولهذا قال : إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط .
فما كان يرضي الإنسان حصوله ويسخطه فقده فهو عبده ، إذ العبد يرضى باتصاله بهما ، ويسخط لفقدهما .
والمعبود الحق الذي لا إله إلا هو ، إذا عبده المؤمن وأحبه حصل للمؤمن بذلك في قلبه إيمان وتوحيد ومحبة وذكر وعبادة ، فيرضى بذلك ، وإذا منع من ذلك غضب .
وكذلك من أحب شيئا فلا بد أن يتصوره في قلبه ، ويريد اتصاله به بحسب الإمكان .
قال الجنيد : لا يكون العبد عبدا حتى يكون مما سوى الله تعالى حرا .
وهذا مطابق لهذا الحديث ، فإنه لا يكون عبدا خالصا مخلصا دينه لله كله حتى لا يكون عبدا لما سواه ، ولا فيه شعبة ، ولا أدنى جزء من عبودية ما سوى الله ، فإذا كان يرضيه ويسخطه غير الله فهو عبد لذلك الغير ، ففيه من الشرك بقدر محبته ، وعبادته لذلك الغير زيادة .
قال الفضيل بن عياض : والله ما صدق الله في عبوديته من لأحد من المخلوقين عليه ربانية .
قال زيد بن عمرو بن نفيل :
أربا واحدا أم ألف رب *** أدين إذا انقسمت الأمور ؟
روى الأمام أحمد والترمذي والطبراني من حديث أسماء بنت عميس قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [[ بئس العبد عبد تخيل واختال ، ونسي الكبير المتعال ، بئس العبد عبد تجبر واعتدى ، ونسي الجبار الأعلى ، بئس العبد عبد سها ولها ونسي المقابر والبلى ، بئس العبد عبد بغى واعتدى ، ونسي المبدأ والمنتهى ، بئس العبد عبد يختل الدنيا بالدين ، بئس العبد عبد يختل الدين بالشبهات ، بئس العبد عبد رغب يذله ويزيله عن الحق ، بئس العبد عبد طمع يقوده ، بئس العبد عبد هوى يضله ]] قال الترمذي : غريب . وفي الحديث الصحيح المتقدم ما يقويه .
والله أعلم .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الغفلة والشهوة
بسم الله الرحمن الرحيمجماع الشر : الغفلة والشهوة ، فالغفلة عن الله والدار الآخرة تسد باب الخير ، الذي هو الذكر واليقظة .
والشهوة تفتح باب الشر والسهو والخوف ، فيبقى القلب مغمورا فيما يهواه ويخشاه ، غافلا عن الله ، رائدا غير الله ، ساهيا عن ذكره ، قد اشتغل بغير الله ، قد انفرط أمره ، قد ران حب الدنيا على قلبه ، كما روى في صحيح البخاري وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال [[ تعس عبد الدينار ، تعس عبد الدرهم ، تعس عبد القطيفة ، تعس عبد الخميصة ، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش ، إن أعطي رضي ، وإن منع سخط ]] .
جعله عبد ما يرضيه وجوده ويسخطه فقده ، حتى يكون عبد الدرهم وعبد ما وصف في هذا الحديث ، والقطيفة : هي التي يجلس عليها فهو خادمها ، كما قال بعض السلف : البس من الثياب ما يخدمك ، ولا تلبس منها ما تكن أنت تخدمه ، وهي كالبساط الذي تجلس عليه ، والخميصة : هي التي يرتدي بها ، وهذا من أقل المال ، وإنما نبه به صلى الله عليه وسلم على ما هو أعلى منه ، فهو عبد لذلك ، فيه أرباب متفرقون ، وشركاء متشاكسون .
ولهذا قال : إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط .
فما كان يرضي الإنسان حصوله ويسخطه فقده فهو عبده ، إذ العبد يرضى باتصاله بهما ، ويسخط لفقدهما .
والمعبود الحق الذي لا إله إلا هو ، إذا عبده المؤمن وأحبه حصل للمؤمن بذلك في قلبه إيمان وتوحيد ومحبة وذكر وعبادة ، فيرضى بذلك ، وإذا منع من ذلك غضب .
وكذلك من أحب شيئا فلا بد أن يتصوره في قلبه ، ويريد اتصاله به بحسب الإمكان .
قال الجنيد : لا يكون العبد عبدا حتى يكون مما سوى الله تعالى حرا .
وهذا مطابق لهذا الحديث ، فإنه لا يكون عبدا خالصا مخلصا دينه لله كله حتى لا يكون عبدا لما سواه ، ولا فيه شعبة ، ولا أدنى جزء من عبودية ما سوى الله ، فإذا كان يرضيه ويسخطه غير الله فهو عبد لذلك الغير ، ففيه من الشرك بقدر محبته ، وعبادته لذلك الغير زيادة .
قال الفضيل بن عياض : والله ما صدق الله في عبوديته من لأحد من المخلوقين عليه ربانية .
قال زيد بن عمرو بن نفيل :
أربا واحدا أم ألف رب *** أدين إذا انقسمت الأمور ؟
روى الأمام أحمد والترمذي والطبراني من حديث أسماء بنت عميس قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [[ بئس العبد عبد تخيل واختال ، ونسي الكبير المتعال ، بئس العبد عبد تجبر واعتدى ، ونسي الجبار الأعلى ، بئس العبد عبد سها ولها ونسي المقابر والبلى ، بئس العبد عبد بغى واعتدى ، ونسي المبدأ والمنتهى ، بئس العبد عبد يختل الدنيا بالدين ، بئس العبد عبد يختل الدين بالشبهات ، بئس العبد عبد رغب يذله ويزيله عن الحق ، بئس العبد عبد طمع يقوده ، بئس العبد عبد هوى يضله ]] قال الترمذي : غريب . وفي الحديث الصحيح المتقدم ما يقويه .
والله أعلم .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم